مسألة ترقيع غشاء البكارة :
هناك قولين في رتق غشاء البكارة :
القول الثاني: التفصيل :
1- إذا كان سبب التمزق حادثة أو فعلاً لا يعتبر في الشرع معصية ، و ليس وطئاً في عقد نكاح ينظر :
أ – فأن غلب على الظن أن الفتاة ستلاقي عنتًا و ظلمًا بسبب الأعراف ، و التقاليد كان إجراؤه واجبًا .
ب – و إن لم يغلب على ظن الطبيب كان إجراؤه مندوبًا.
2- إذا كان سبب التمزق وطئاً في عقد نكاح كما في المطلقة ، أو كان بسبب زنى اشتهر بين الناس فإنه يحرم عليه إجراؤه.
3- إذا كان سبب التمزق زنى لم يشتهر بين الناس كان الطبيب مخيراً بين إجرائه وعدم إجرائه ، و إجراؤه أولى (( الدكتور محمد نعيم ياسين )) .
تحديد محل الخلاف:
ينحصر محل الخلاف بين القولين في الحالة الأولى والثالثة ، أما في الحالة الثانية فإنهما متفقان على تحريم الرتق .
أدلة من قال بجواز رتق غشاء البكارة مطلقا :
أولا : أن رتق غشاء البكارة قد يؤدي إلى اختلاط الأنساب ، فقد تحمل المرأة من الجماع السابق ، ثم تتزوج بعد رتق بكارتها ، وهذا يؤدي إلى إلحاق ذلك الحمل بالزوج و اختلاط الحلال بالحرام.
ثانيا: أن رتق غشاء البكارة فيه اطلاع على المنكر .
ثالثا: أن رتق غشاء البكارة يسهل للفتيات ارتكاب جريمة الزنى لعلمهن بإمكان رتق غشاء البكارة بعد الجماع .
رابعا: أنه إذا اجتمعت المصالح و المفاسد فإن أمكن تحصيل المصالح و درء المفاسد فعلنا ذلك ، و إن تعذر الدرء و التحصيل ، فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا المفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة كما قرر فقهاء الإسلام .و تطبيقًا لهذه القاعدة فإننا إذا نظرنا إلى رتق غشاء البكارة و ما يترتب عليه من مفاسد حكمنا بعدم جواز الرتق لعظيم المفاسد المترتبة عليه .
خامساً: أن من قواعد الشريعة الإسلامية أن الضرر لا يزال بالضرر و من فروع هذه القاعدة (( لا يجوز للإنسان أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره)) و مثل هذا لا يجوز للفتاة و أمها أن يزيلا الضرر عنهما برتق غشاء البكارة و يلحقانه بالزوج.
سادسا: أن مبدأ رتق غشاء البكارة مبدأ غير شرعي لأنه نوع من الغش ، والغش محرم شرعاً.
سابعا: أن رتق غشاء البكارة يفتح أبواب الكذب للفتيات و أهليهن لإخفاء حقيقة السبب ، و الكذب محرم شرعاً.
ثامنا: أن رتق غشاء البكارة يفتح الباب للأطباء أن يلجأوا إلى إجراء عمليات الإجهاض ، و إسقاط الأجنة بحجة الستر .
(( ذكر هذه الأوجه فضيلة الشيخ عزالدين الخطيب في بحثه : غشاء البكارة من منظور إسلامي ، من بحوث ندوة الرؤية الإسلامية ثبت الندوة 571-573.
أدلة من قال بجواز رتق غشاء البكارة في بعض الحالات :
أولا: أن النصوص الشرعية دالة على مشروعية الستر و ندبه، و رتق غشاء البكارة معين على تحقيق ذلك في الأحوال التي حكمنا بجواز فعله فيها.
ثانياً: أن المرأة بريئة من الفاحشة فإذا أجزنا له فعل جراحة الرتق قفلنا باب سوء الظن فيها فيكون ذلك دفعاً للظلم عنها .
ثالثا: أن رتق غشاء البكارة يعين على تحقق المساواة بين الرجل والمرأة فكما أن الرجل مهما فعل الفاحشة لا يترتب على فعله أي أثر مادي في جسده و لا يثور حوله أي شك فكذلك ينبغي أن تكون المرأة و تحقيق العدل بينهما مقصد شرعي إلا في الأحوال المستثناة بدليل شرعي و ليست هذه الحالة منها .
رابعاً: أن قيام الطبيب المسلم بإخفاء هذه القرينة الوهمية في دلالتها على الفاحشة له أثر تربوي عام في المجتمع و خاصة فيما يتعلق بنفسية الفتاة .
خامساً: أن مفسدة الغش في رتق البكارة ليست موجودة في الأحوال التي حكمنا فيها .(( ذكر هذه الأوجه الدكتور محمد نعيم ياسين في بحثه : رتق غشاء البكارة في ميزان المقاصد الشرعية من بحوث ندوة الرؤية الإسلامية . ثبت الندوة 579-583.
القول الراجح في رتق غشاء البكارة :
ثانيا: استدلال أصحاب القول الثاني يجاب عنه بما يلي:
الجواب عن الوجه الأول:
أن الستر المطلوب هو الذي شهدت النصوص باعتبار وسيلته و رتق غشاء البكارة لم يتحقق فيه ذلك بل الأصل حرمته لمكان كشف العورة و فتح باب الفساد.
الجواب عن الوجه الثاني:
أن قفل باب سوء الظن يمكن تحقيقه عن طريق الإخبار قبل الزواج فإن رضي بالمرأة وإلا عوضها الله غيره.
الجواب عن الوجه الثالث:
أن التعليل بمساواة المرأة على هذا الوجه فاسد و التفاوت بين الرجل و المرأة في خفاء الجريمة على الوجه المذكور فطرة إلهية فيكون التعليل بالمساواة على هذا الوجه فيه نوع من التهمة بعدم العدل بين الجنسين . و الفطرة الموجبة للاختلاف سوية معتدلة لا تحتاج إلى استدراك و تقويم كما قال تعالى (( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ))
الجواب عن الوجه الرابع :
أن المفسدة المذكورة لا تزول بالكلية بعملية الرتق لاحتمال اطلاعه على ذلك و لو عن طريق إخبار الغير له ، ثم إن هذه المفسدة تقع عند تزويج المرأة بدون إخبار زوجها بزوال بكارتها و المنبغى إخباره فإن أقدم زالت تلك المفسدة و كذلك الحال لو أحجم .
الجواب عن الوجه الخامس:
ان هذا الإخفاء كما أن له هذه المصلحة كذلك تترتب عليه مفاسد و منها تسهيل السبيل لفعل فاحشة الزنى و درء المفسدة أولى من جلب المصلحة.
الجواب عن الوجه السادس:
أننا لا نسلم انتفاء الغش لأن هذه البكارة مستحدثة ، و ليست هي البكارة الأصلية ، فلو سلمنا أن غش الزوج منتفٍ في حال زوالها بالقفز و نحوه مما يوجب زوال البكارة طبيعة ، فإننا لا نسلم أن غشه منتفٍ في حال زوالها باعتداء عليها.
ثالثا: أن سد الذريعة الذي اعتبره أصحاب القول الأول أمر مهم جدًا خاصة فيما يعود إلى انتهاك حرمة الفروج ، و الأبضاع و المفسدة لاشك مترتبة على القول بجواز رتق عشاء البكارة .
رابعاً: أن الأصل يقتضي حرمة كشف العورة و لمسها و النظر إليها ، و الأعذار التي ذكرها أصحاب القول الثاني ليست بقوية إلى درجة يمكن فيها الحكم باستثناء عملية الرتق من ذلك الأصل فوجب البقاء عليه بحرمة جراحة الرتق .
خامساً أن مفسدة التهمة يمكن إزالتها عن طريق شهادة طبية بعد الحادثة تثبت براءة المرأة وهذا السبيل هو أمثل السبل ، وعن طريقه تزول الحاجة إلى فعل جراحة الرتق .
و لهذا كله فإنه لا يجوز للطبيب و لا للمرأة فعل هذا النوع من الجراحة .