يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله –
العمرة في وجوبها قولان للعلماء:
-وهما قولان في مذهب الشافعي وأحمد , والمشهور عنهما وجوبها .
-والقول الآخر : لا تجب , وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وهذا القول أرجح.
فإن الله إنما أوجب الحج بقوله تعالى { ولله على الناس حج البيت } لم يوجب العمرة كما أوجب إتمامها بقوله : { وأتموا الحج والعمرة لله } إيجاب الإتمام وأوجب إتمامهما , وفي الابتداء إنما أوجب الحج , وهكذا سائر الأحاديث الصحيحة ليس فيها إلا إيجاب الحج ; ولأن العمرة ليس فيها جنس غير ما في الحج فإنها إحرام وإحلال وطواف بالبيت وبين الصفا والمروة .
وهذا كله داخل في الحج , وإذا كان كذلك فأفعال الحج لم يفرض الله منها شيئًا مرتين , فلم يفرض وقوفين ولا طوافين ولا سعيين , ولا فرض الحج مرتين , فطواف الوداع ليس بركن بل هو واجب وليس هو من تمام الحج , ولكن كل من خرج من مكة عليه أن يودع , ولهذا من أقام بمكة لا يودع على الصحيح , فوجوبه ليكون آخر عهد الخارج بالبيت كما وجب الدخول بالإحرام في أحد قولي العلماء لسبب عارض , لا لكون ذلك واجبًا بالإسلام كوجوب الحج , ولأن الصحابة المقيمين بمكة لم يكونوا يعتمرون بمكة لا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد خلفائه , بل لم يعتمر أحد عمرة بمكة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا عائشة وحدها لسبب عارض .