حديث ” ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حَسَن” ليس من كلام النبي ـ ﷺ ـ، وإنما هو من قول عبد الله بن مسعود، أي حديث موقوف غير مرفوع، رواه أحمد في مسنده، وقال العلائي عنه: لم نجده مرفوعًا في كتب الحديث أصلاً ولا بسند ضعيف بعد طول البحث وكثرة الكشف والسؤال، وإنما هو موقوف على ابن مسعود، وقد حسَّنه أحمد بن حنبل، كما أخرجه البزَّار والطيالسي والطبراني وأبو نعيم في ترجمة ابن مسعود من الحلية، وراجع “المقاصد الحسنة” ص 367 طبعة دار الأدب العرب.
وهذا الأثر استدل به جمهور العلماء على أن العُرْفَ حُجة في التشريع، ولكن بشرط عدم تعارضه مع النصوص الصريحة والأصول المُقَررة، كالتقاليد العربية القديمة التي أبطلها الإسلام. يقول السرخسي في كتابه ” المبسوط ج12 ص 45″ إن هذا الأصل معروف، وهو أن ما تعارفه الناس وليس في عينه نص يبطله جائز. قال العلماء: إن العُرف لا يُؤخذ به إلا بشروط، منها أن يكون مُطردًا أو غالبًا أي شائعًا بين الكثيرين، مع مُراعاة أن لكل جماعة عُرْفَهَا، ومنها ألا يكون مُخَالفًا لنص شرعي كشُرْبِ الْخَمْرِ ولَعِبِ الْمَيْسِر والتعامل بالرِّبا، ومنها أن يكون العُرف قائمًا وموجودًا عند التصرف، وليس عُرفًا باليًا قديمًا متروكًا، ومنها ألا يعارضه اتفاق أو تصريح يناقضه، كما إذا تَمَّ التعاقد بين شخصين على شيء مع سكوتهما عن العُرف القائم في مثل هذه المعاملة فإن العُرف يُطبق، فالمعروف عُرفًا كالمشروط شرطًان فإذا صرَّح المتعاقدان بما يخالف العُرف وجب الالتزام بما تعاقدا عليه؛ لأنه لا عِبرة بالدلالة له في مواجهة النص الصريح.