وقت الصلاة مُوسع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة في أول وقتها أفضل. لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مَشْغولا بشيء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة في أول الوقت، وهنا يمكن أن يُؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية.
أما إذا كان زمن المُحاضرة يشغل الوقت كُلَّه بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدِّي الصلاة، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المُحاضرة في موضوع ليس واجبًا حتمًا تُعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التي يكون تعلُّمها نافلة وليس فرضًا.
تأخير الصلاة عن وقتها لحضور محاضرة:
الذي يجب على المسلم أن يترك المُحَاضرة ليؤدِّي الصلاة حتى لا تفوتَ منه يجب عليه، وأيضًا يجب عليه أن ينبِّه الأستاذ إن كان مُسلمًا، كما ينبِّه الطلاب إلى حُرْمَة تضييع الصلاة وإلى وجوب تَرْكِ المُحَاضَرَة حتى يؤدُّوا الصلاة؛ لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحِكْمَة والمَوْعِظة الْحَسَنَة .
نرجو أن يُمَكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة في وقتها، كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقي من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعًا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة في الدنيا والآخرة.
تأخير الصلاة عن أول وقتها لحضور محاضرة:
نؤكد أن وقت الصلاة مُتسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدِّيَ الصلاة في أول وقتها، فأداؤها في أول وقتها سُنة وطلب العلم سُنَّة، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم في كتابه “مِفتاح دار السعادة ص 25” أن كثيرًا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضلَ الأعمال بعد الفرائض طَلب العلم، فقال الشافعي: ليْس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وهذا الَّذي ذكر أصحابه عنه أنه مَذهبه وكذلك قال سُفيان الثوري وحكاه الحَنَفية عن أبي حنيفة.
وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات، إحداهنَّ أنه العلم، فإنه قيل له: أي شيء أحبُّ إليك، أجلس بالليل أّنْسَخ أو أُصلِّي تطوعًا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أَحَبُّ إليَّ، وَذَكَر الخِلال عنه في كتاب العِلْم نُصوصًا كثيرة في تفضيل العِلْم.
وأمَّا مَالِك فقال ابن القاسم : سَمِعتُ مالِكًا يقول: إن أقوامًا ابتغوا العِبَادة وأضاعوا العِلْم فخرجوا على أمة محمد ـ ﷺ ـ بأسيافهم، ولو ابتغوا العِلْم لحَجَزَهُمْ عن ذَلِكَ.
وذَكَرَ ابن القيم أيْضًا أنَّ أبا نعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله ـ ﷺ ـ أنه قال: “فَضْلُ الْعِلْم خَيْرٌ من نَفْلِ الْعَمَل وخَيْرِ دِينكم الْوَرَع” وقد رُوي هذا مرفوعًا من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفي رفعه نظر… (الرفع أي الإسناد إلى النبي ـ ﷺ ـ ).
هذا الكلام هو فصل الخِطاب في هذه المسألة فالعِلْم يعمُّ نفعه صاحبه والناس معه، والعِبادة يختص نفعها بصاحبها، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع، والحديث في ذلك معروف “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولدٌ صالحٌ يدعو له”. رواه مسلم.