حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
يُشترط في المرأة التي تخرج للحج أن تكون مع ذي محرم أو نسوة ثقات ، وإلا فإن الحج لا يجب عليها لفقدانها شرط الاستطاعة، وهذا الزواج الصوري قد اتفق الفقهاء على حرمته لافتقاده مقصود الزواج.
حكم الزواج الصوري للمرأة لتأدية فريضة الحج:
يقول فضيلة الدكتور عبد الفتاح إدريس ـ أستاذ الفقه بجامعة الأزهر :
أراد الله تعالى بالزواج أن يكون علاقة دائمة، ولذا قال رسول الله ﷺ للمغيرة بن شعبة ” انظر إليها عسى أن يؤدم بينكما” أي: تدوم المودة والألفة، ولأن مقصود الشارع من الزواج هو إنجاب النسل، لما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: ” تزوجوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأنبياء يوم القيامة“، والزواج الصوري هذا أشبه إلى حد كبير بالزواج المؤقت، الذي اتفق الفقهاء على حرمته.
ولذا فلا يجوز هذا الزواج حتى ولو كان لغرض الرفقة في الحج، كما أن الحج فريضة تتعلق ببدن المكلف وماله، فإذا كان للمكلف مال فينبغي أن يحج من ماله، إلا إذا كان غير واجد للمال، وبذل له بعض الناس مالا ليحج به من غير منة عليه، فله أن يحج به في هذه الحالة عند الشافعية والظاهرية، وإن منعه المالكية والحنفية والحنابلة، ومن لديها المال، إلا أنها لا تجد رفقة مأمونة تحج معها، فلا يجب عليها الحج عند الحنفية والحنابلة، لعدم وجود زوج أو محرم يطيعها في الحج معها، ولذا فلا حج عليها حتى تجد محرما أو زوجا يرافقها في رحلة الحج هذه . أ.هـ
ويقول محمد سعدي:
إذا كانت المرأة ممن تحتاج إلى وجود المحرم لعدم وجود نساء ثقات مثلا أو أن السلطات المنظمة للحج تشترط عليها وجود محرم، فإن المحرم يكون لها حينئذ بمنزلة الزاد والراحلة ، فإن كانت واجدة له، وكان متمكنا من الخروج على نفقته أو كانت تقدر على أداء نفقته فإن الحج في هذه الحال يجب عليها، وإلاّ فلا يجب لعدم الاستطاعة، ومن لم يوجب المحرم من الفقهاء فإنه قد أوجب وجود رفقة آمنة مأمونة ثقات.
والزواج الصوري الخالي من مضمون الزواج لا يكون طريقا للحج؛ والمرأة إذا فقدت المحرم والنساء الثقات فلا حج عليها ولم يكلفها الله بالحج لأنها غير مستطيعة.
هل يشترط وجود المحرم مع المرأة للحج:
قال الجصاص في أحكام القرآن:
وعندنا [أي الحنفية]أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الحج ؛ لما روي عن النبي ﷺ أنه قال : { لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم أو زوج .. فثبت بذلك أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الاستطاعة ، ولا خلاف أن من شرط استطاعتها أن لا تكون معتدة ؛ لقوله تعالى : { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة } فلما كان ذلك معتبرا في الاستطاعة وجب أن يكون نهيه للمرأة أن تسافر بغير محرم معتبرا فيها.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: لا يجب الحج على المرأة إلا إذا كان لها محرم.
وقال الشافعية :
لا يجب الحج على المرأة إلا إذا وجدت من يخرج معها للحج من محرم لها أو زوج أو نسوة ثقات، فأي هذه الثلاثة وجد لزمها الحج، وإن لم يكن شيء من الثلاثة لم يلزمها الحج، لأن الشرط عند الشافعية لوجوب الحج على المرأة حصول الأمن لها على نفسها، وهذا الأمن يحصل لها بمصاحبة الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات الجامعات لصفات العدالة.
وقال ابن دقيق العيد : هذه المسألة تتعلق بالعامين إذا تعارضا ، فإن قوله تعالى : { ولله على الناس حج البيت } الآية ، عام في الرجال والنساء ، فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر إذا وجدت وجب الحج على الجميع . وقوله ﷺ : { لا تسافر المرأة إلا مع محرم } عام في كل سفر فيدخل فيه الحج ، فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية ، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث فيحتاج إلى الترجيح من خارج انتهى .
ويمكن أن يقال : إن أحاديث الباب لا تعارض الآية لأنها تضمنت أن المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة على السفر التي أطلقها القرآن.