حب المرأة لغير زوجها حب شهواني مذموم محرم ، وعلى المرأة المتزوجة أن تكتفي بزوجها وتصبر عليه حتى يكتب الله لها أجر المؤمنات العفيفات ، فطوال زواجها يجب أن تحتفظ بمشاعرها لزوجها ، وعليها أن تعاشره بالمعروف، فلتحفظ نعمة الله عليها ولا تتبطر عليها ،فقد تقابل بعده من لا يعاملها بمثل المعاملة الكريمة التي يعاملها بها زوجها نفسه، وتوجه المرأة بالحب لغير زوجها به الكثير من الأشياء المخالفة شرعا وهو لا يكون إلا بانتهاك محذورات شرعية مثل الخلوة والكلام الغير البريء وعدم غض البصر ، فعلى المرأة أن تتقي الله في زوجها وأن تعاشره بالمعروف ، تتوقف عن حبها الشهواني الآثم لأي رجل أجنبي.
والمسلم عليه أن يرتفع عن هذه الشهوة الحيوانية لا أن يهوي إلى درك مستنقع الرذيلة، ويطيع الشيطان فيما نهى عنه الرحمن.
يقول د علي السرطاوي: الأصل أن الإنسانة المتزوجة تحتفظ بمشاعرها وحبها لزوجها، ولا يجوز أن تكون هذه المشاعر لرجل آخر وهي على ذمة زوجها. فهي في هذا قد وقعت في حرام، وحتى إن أساء إليها زوجها، وفي الإساءة منه خطأ وإثم شرعي يعاقب عليه عند الله. ولكن ليس هذا مبررًا لها لكي تخطئ هي الأخرى، وأن يكون لها مشاعر تجاه رجل آخر. وحكمت هي مسبقا على أن العلاقة بينها وبينه قد تكون أفضل وأحسن؛ فهذه كالمقامرة، وما يدريها أنها إن أصبحت زوجة له قد تصبح أتعس مما كانت عليه.
فالمرأة يجب أن تحتفظ بمشاعرها لزوجها، وأن تحافظ على عقد زواجه؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد أسماه ميثاقا غليظا، وله قدسية عند الله سبحانه وتعالى لا يجوز التفريط به. أما إن كان الزوج يسيء معاملة زوجته وعشرتها، ويسبب لها الأذى والضرر جراء هذه المعاملة؛ فهذا أمر آخر، ويجوز عنده للزوجة أن تطلب الطلاق؛ غير متذرعة بسوء العشرة لترتبط برجل آخر، بل أن تطلب الطلاق لتخلص من الظلم والأذى الذي يتسبب الزوج لها. وإن طُلقت وأصبحت خالية من التزامات عقد الزواج، وانتهت من عدتها.. جاز لها أن ترتبط برجل آخر، وفق ما شرع الله سبحانه وتعالى. أهـ
يقول الشيخ القرضاوي-رحمه الله تعالى- : يحسن بي أن أذكر هنا ما قاله أحد علماء العصر ودعاته يومًا . وقد سئل: هل الحب حلال أم حرام ؟ فكان جوابه اللبق: الحب الحلال حلال . . . والحب الحرام حرام.
وهذا الجواب ليس نكته ولا لغزًا . ولكنه بيان للواقع المعروف . فالحلال بين والحرام بين . وإن كان بينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس فمن الحلال البين أن يحب الرجل زوجته، وتحب المرأة زوجها، أو يحب الخاطب مخطوبته، وتحب المخطوبة خاطبها.
ومن الحرام البين أن يحب الرجل امرأة متزوجة برجل آخر . فيشغل قلبها وفكرها . ويفسد عليها حياتها مع زوجها، وقد ينتهي بها الأمر إلى الخيانة الزوجية فإن لم ينته إلى ذلك، انتهى إلى اضطراب الحياة، وانشغال الفكر، وبلبلة الخاطر، وهرب السكينة من الحياة الزوجية . وهذا الإفساد من الجرائم التي بريء النبي ﷺ من فاعلها فقال: ” ليس منا من خبب (أي أفسد) امرأة على زوجها .
ومثل ذلك، أن تحب المرأة رجلاً غير زوجها، تفكر فيه، وتنشغل به، وتعرض عن زوجها وشريك حياتها . وقد يدفعها ذلك إلى ما لا يحل شرعًا من النظر والخلوة، واللمس، وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر وأخطر، وهو الفاحشة، أو نيتها، فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر، وقلق النفس، وتوتر الأعصاب، وتكدير الحياة الزوجية، بلا ضرورة ولا حاجة، إلا الميل مع الهوى، والهوى شر إله عبد في الأرض.
ولقد قص علينا القرآن الكريم قصة امرأة متزوجة أحبت فتى غير زوجها، فدفعها هذا الحب إلى أمور كثيرة لا يرضى عنها خلق ولا دين . وأعني بها امرأة العزيز، وفتاها يوسف الصديق.
حاولت أن تغري الشاب بكل الوسائل، وراودته عن نفسه صراحة، ولم تتورع عن خيانة زوجها لو استطاعت، ولما لم يستجب الشاب النقي لرغبتها العاتية، عملت على سجنه وإذلاله ليكون من الصاغرين، كما صرحت بذلك لأترابها من نساء المدينة المترفات: (قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين).
هذا مع أن هذه المرأة كانت معذورة بعض العذر، فهي لم تسع إلى هذا الشاب، بل زوجها الذي اشتراه وجاء به إلى بيتها، فبات يصابحها ويماسيها، وتراه أمامها في كل حين إذ هو – بحكم العرف والقانون هناك – عبدها وخادمها وقد آتاه الله من الحسن والجمال ما آتاه، مما أصبح مضرب الأمثال.
ومع هذا فالزنى من كبائر الإثم وفواحش الذنوب، وخاصة بالنسبة للمتزوج والمتزوجة، ولهذا كانت عقوبتهما في الشرع أشد من عقوبة العزب.
أما في واقعنا فإن الحب له مبادئ ومقدمات، وله نتائج ونهايات، فالمبادئ والمقدمات يملكها المكلف ويقدر على التحكم فيها . فالنظر والمحادثة والسلام والتزاور والتراسل واللقاء، كلها أمور في مكنة الإنسان أن يفعلها وأن يدعها .. وهذه بدايات عاطفة الحب ومقدماتها.
فإذا استرسل في هذا الجانب ولم يفطم نفسه عن هواها، ولم يلجمها بلجام التقوى . ازدادت توغلاً في غيها، واستغراقًا في أمرها، وقديمًا قال البوصيري في بردته:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يصم أو يصم
وحينما تصل النفس إلى هذه المرحلة من التعلق بصورة حسية ونحوها يصعب فطامها، فقدت حريتها، وأصبحت أسيرة ما هي فيه.
ولكنها هي المسئولة عن الوصول إلى هذه النتيجة.
فإذا كان المحب أو العاشق قد انتهى إلى نتجية لا يملك نفسه إزاءها، فإنه هو الذي ورط نفسه هذه الورطة، وأدخلها هذا المضيق باختياره . والذي يرمي بنفسه في النار لا يملك أن يمنع النار من إحراقه، ولا أن يقول لها: كوني بردًا وسلامًا على كما كنت على إبراهيم . فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب الإنقاذ دون جدوى، كان هو الذي أحرق نفسه، لأنه الذي عرضها للنار بإرادته.
وهذا هو شأن عاشق الصور الحسية، بل شأن كل عاص استغرق في الشهوات وأدمنها، حتى أصبح عاجزًا عن الإفلات منها، وهو ما يعبر عنه القرآن بالختم على القلوب والأسماع، والغشاوة على الأبصار، ومرة يقول في قوم: (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) وهذا تصوير للنهاية التي وصلوا إليها، بمقدمات وتصرفات كانوا مختارين فيها كل الاختيار.
وفي مثل هذا يقول بعض الشعراء:
تولع بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة فلما تمكن منها غرق
وقال الآخر:
يا عاذلي والأمر في يده هلا عذلت وفي يدي الأمر
والخلاصة أن المرأة المتزوجة يجب أن تكتفي بزوجها، وترضى به، وتحرص على ذلك كل الحرص . فلا تمتد عينها إلى رجل غيره، وعليها أن تسد على نفسها كل باب يمكن أن تهب منه رياح الفتنة، وخصوصًا إذا لمعت بوادر شيء من ذلك، فعليها أن تبادر بإطفاء الشرارة قبل أن تستحيل إلى حريق مدمر.
أعني أنها إذا أحست دبيب عاطفة نحو إنسان آخر . فعليها أن تقاومها، بأن تمتنع عن رؤيته، وعن مكالمته، وعن كل ما يؤجج مشاعرها نحوه.
ولقد قيل: إن البعيد عن العين بعيد عن القلب.
وينبغي للزوجة أن تشغل نفسها ببعض الهوايات، أو الأعمال التي لا تدع لها فراغًا، فإن الفراغ أحد الأسباب المهمة في إشعال العواطف، كما رأينا في قصة امرأة العزيز . وعليها بعد ذلك كله أن تلجأ إلى الله أن يفرغ قلبها لزوجها، وأن يجنبها عواصف العواطف، وإذا صدقت نيتها في الإخلاص لزوجها، فإن الله تعالى – بحسب سنته – لا يتخلى عنها.
وإذا عجزت عن مقاومة العاطفة، فلتكتمها في نفسها، ولتصبر على ما ابتليت به، ولن تحرم . إن شاء الله – من أجر الصابرين على البلاء.
ومثلها في ذلك الرجل يحب المرأة لا يمكنه الزواج منها، كأن تكون متزوجة، أو مَحرمًا له بنسب أو مصاهرة أو رضاع، فعليه أن يجاهد هواه في ذات الله تعالى، وفي الحديث ” المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، والمجاهد من جاهد هواه “. أهـ
ويقول الأستاذ الدكتور نزار ريان: أما المرأة التي تخون زوجها إذا تابت، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، وإن رجلا قتل تسعا وتسعين نفسا وكانت له توبة، وإن من القتلة من تاب وحسنت توبته ومن الزناة من تاب وحسنت توبته {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}.
فأول ما نرشد المرأة الخائنة لزوجها إليه التوبة السريعة غير المؤجلة وأن تحاول ما استطاعت أن تسلك هذه الخطوات:
أولا: إحسان العبادة، خاصة الصلاة في المسجد ما أ مكن.
ثانيا: الصحبة الصالحة من النساء الصالحات المؤمنات في المساجد والمؤسسات الإسلامية النشطة.
ثالثا: الانقطاع عن الغناء والموسيقى وما من شأنه أن يذكر بهذا الفاعل، وأن تعود بعد إلى ربها حتى لا تتذكره أبدا.
رابعا: عدم الاتصال بالرجل الغريب مطلقا بل وعدم استعمال أدوات الاتصال؛ لأن مثل هذا العمل من شأنه أن يعيد المعصية إلى النفس والقلب.
خامسا: كثرة التلاوة استماعاً وتلاوة وتدبرا، والإكثار من العبادات التي من شأنها أن تصنع بين الإنسان وبين المعصية بابا مغلقا مع الإحسان إلى الزوج، فإنه لا يستحق مثل هذا الأمر.