الاستعانة بالأنبياء والصالحين:
ما هو معروف من أعمال العامة ، واعتقاداتهم من طلب قضاء الحاجات الدنيوية والأخروية من الأنبياء والأولياء بعد موتهم ، من البدع التي لم تُعرف في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، ولا في عهد الخلفاء الراشدين الذين أمر عليه الصلاة والسلام باتِّباع سنته وسنتهم وحذر مما يحدث بعد ذلك ، وقد أخبر الله تعالى في كتابه بأنه أكمل الدين ، ونحن نعتقد أنه لم يعمل به على كماله أحد مثل الصحابة الكرام ، فلو لم يرد في الكتاب والسنة ما يدل على أن لا ندعو مع الله أحدًا ولا نطلب ما نعجز عنه من حاجاتنا إلا من الله تعالى وحده لكان الأخذ بسنة الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام كافيًا في أن لا نزيد في الدين شيئًا ، فيسعنا ما وسعهم.
حكم الاستعانة بالأنبياء والصالحين:
قال المنجم والطبيب كلاهما…لا تبـعث الأموات قلت إليكمـا
إن صح قولكما فلست بخاسر…أو صح قولي فالخسار عليكما
ومذهب السلف والخلف في الإسلام أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هم الواسطة بين الله تعالى وبين عباده في تبليغ دينه لقوله تعالى : [ وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ] ( الأنعام : 48 ) وقوله عز وجل : [ إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاغُ ] ( الشورى : 48 ) وغير ذلك من الآيات الكثيرة الواردة بصيغة النفي والإثبات ككلمة التوحيد ، وأنه لا واسطة بين الله تعالى وعباده في غير تبليغ دينه من نحو قضاء حاجة سلبية كالشفاء من مرض ، أو وقوعية كسعة الرزق أو هداية ، والدليل على هذا الآيات الواردة بصيغة الحصر وهي كثيرة جدًّا – كما قلنا – والبراهين العقلية القاطعة بأن الله تعالى غني عن المساعدة والوزير والمعين ؛ لأنه على كل شيء قدير لا يحتاج إلى من يعطفه على عباده لأنه أرحم الراحمين ، فرحمته ورأفته لا تقبل الزيادة لأنها في نهاية الكمال ، وقد سبق علمه بكل شيء فلا يمكن أن يغيره أو يزيد فيه أحد .
ونقول لماذا الإستعانة بالأنبياء والصالحين وغيرهم وليس بين العبد وربه حواجز تمنع الإستعانة به مباشرة فعلى العبد أن يستعين بالله وحده فهو بيد الخير كله وإليه يرجع الأمر كله وهو على كل شيء قدير.
قال الله -تبارك وتعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [سورة البقرة:186].
وقال تبارك وتعالى: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [سورة غافر: 60].