حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
هل يجب على المسلم أن يستدين من أجل الحج:
يقول الدكتور أحمد الشرباصي ” رحمه الله تعالى ” الأستاذ بجامعة الأزهر:
الحجُّ لا يجب على الإنسان إلا إذا كان مُتمكنًا من أدائه بتوافر النفقة والزاد ووسيلة الانتقال وأَمْن الطريق، وما إلى ذلك، والله ـ تبارك وتعالى ـ يقول: (وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران: 97)، وعلى هذا فليس هناك ما يُلزِم الشخص الذي لا يجد مالاً للحجِّ، بأن يستدين من الغير ليحجَّ، وقد قال الله تعالى في سورة التوبة: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا ِللهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ) الآيتان: 91-92.
ونفهم من هاتين الآيتين أنَّ الجهاد لا يجب على مَن لا يجد نفقته، ويُقاس الحج على الجهاد كما قال الفقهاء، فلا يجب الحج إلا على من يجد النفقة.
ولقد روى البيهقي عن عبد الله بن أبي أوْفى قال: سألت رسول الله ـ ﷺ ـ عن الرجل لم يحج؛ أيستقرضُ للحجِّ؟ قال: لا.
هل يحج من لديه مال وهو بحاجة إليه:
جاء في كتاب “المُهَذَّب”:أنَّ الإنسان إذا كان معه مال يستطيع أن يحجّ به، ولكنه يحتاج إلى هذا المال؛ ليدفعَه في دَيْنٍ عليه، لم يجب عليه الحج سواء أكان هذا الدَّيْن حالًّا أو مُؤجلًا؛ لأن الدَّيْن الحالَّ يحتاج إلى تأديته على الفور، والحج واجب على التراخي، فيُقدَّم أداء الدَّيْنَ على أداء الحجِّ؛ وإذا كان الدَّيْن مُؤَجلًا، فإنه سيَحلّ عند مَوْعده، فلو أَنْفَقَ المَدين ما مَعه علَى الحجّ فلن يجد ما يَقضي به الدَّيْن.
وإذا احتاج الإنسان إلى المال الذي عنده لبضاعة يُتاجر فيها حتى يَحصل منها على ما يَحْتَاج إليه مِن نَفَقَته، فإنه لا يلزمه الحج؛ لأنه مُحتاج إلى هذا المال، وكذلك إذا احتاج إلى المال الذي عنده لمِسْكَن يلزمه، أَوْ خَادم يَحتاج إلى خِدْمَته، لا يلزمه الحجّ، وكذلك إذا كانَ عِنده مال ولكنه مُحتاج إلى الزواج؛ ليصون به نفسه لم يلزمه الحجّ.
وجاء في مذهب الشافعية ما يُفيد أنه لو قدَّم شخص إلى آخر مُساعدة من غير عِوض لها؛ ليقوم بالحجّ، فإن الشخص الذي قُدِّمت إليه هذه المساعدة لا يلزمه قبولها ليحجّ منها؛ لأن عليه في قبول هذه المساعدة مِنَّة، وفي تحمُّل المنة مَشقة، اللهمَّ إلا إذا كان مُقَدِّم المُسَاعَدَة هو وَلَدُ مَن يُريد الحجَّ؛ لأنه لا مِنّة بين الولد ووالده.
وهذه النصوص كلها تُؤَكِّد أنَّه ليستَ هناكَ ضرورة تدعو إلى الاستدانة للقيام بفريضة الحج.