الإيمان هو التصديق بالقلب بما جاء به النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ وهذا التصديق أو الاعتقاد إن صدق دفع الإنسان إلى العمل واستقام سلوكه، وكل عمل بدون إيمان لا قيمة له عند الله، كعمل المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالَى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً.
والإيمان المجرّد من العمل إيمان ناقص، كجذر الشجرة التي ليس لها فروع ولا ثمار، أما الإيمان الذي يتبعه عمل فهو إيمان كامل مع التفاوت في الكمال، كالشجرة المورِقة المثمرة ” إنّما المؤمنون الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجَلِتْ قُلوبُهُمْ وإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَياتُهُ زَادَتْهُمْ إيْمانًا وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الذِينَ يُقيمونَ الصّلاةَ ومِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقونَ أَولئِكَ هُمُ المُؤمنونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ومَغفرةٌ ورِزْقٌ كَريمٌ” (سورة الأنفال:2-4)
والإسلام يحبُّ من المؤمن أن يكون إيمانه كاملاً بالطاعات ليسعَد في دنياه وأخراه ولا يحبُّ منه أن يكون ناقص الإيمان لتعرُّضه لعِقاب الله على المعاصي إن لم يتُب عليه ويغفر له.
والهداية إلى الإيمان التصديقيّ والإيمان العملي القائم عليه هي توفيق من الله سبحانه، لكن لكل شيء سبب، فعلى الإنسان أن يسعى إليه ويجتهد في تحصيله، والله يَهديه إلى ما يريد.
أما بدون سعي ورغبة فلا يستحق من الله هداية، فإذا قال الله تعالى: ” إنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ولَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ” (سورة القصص: 56) فالمعنى أن التوفيق للإيمان والطاعة لا يملكه إلا الله، يعطيه لمن سلك السبيل إليه، والرسول لا يُعطي هذا التوفيق، فما عليه إلا الدلالة عليه، وهي المرادة بالهدى إذا نُسب إليه في مثل قوله تعالى:” ولِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ “(سورة الرعد:7) والله يهدي النّاس السبيل ببيان طريق الخير وطريق الشر.
ومن أخذ الأسباب لسلوك طريق الخير هداه الله أي وفّقه، ومن أخذ الأسباب لسلوك طريق الشر أضلَّه الله، كما قال سبحانه: “وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاّ الفَاسِقينَ”(سورة البقرة: 26).
فالإيمان كسبي ووهبي، كسبي بسلوك السبيل إليه، ووهبي بتوفيق الله له، إن صدقت نيته، وقانون الحياة قائم على الأسباب والمسببات، تحت مشيئة الله سبحانه:( ومَا تَشاؤُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ) (سورة التكوير: 29)( قُلْ يا أيُّهَا النّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ومَنْ ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ومَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) (سورة يونس: 108).