اتفق الفقهاء على أن تحويل نية الصلاة من نفل إلى فرض لا أثر له في نقلها ، وتظل نفلا.
أما تحويل الفريضة إلى نافلة أو إلى فريضة أخرى فمسألة اختلف فيها الفقهاء:
فهناك من ذهب إلى القول بأن الصلاة تبقى كما هي.
وهناك من قال إن تعمد تغيير النية في الفريضة دون سبب مشروع تبطل به الصلاة.
وهناك من قال بجواز تحويل الفريضة إلى نافلة دون قيد أو شرط ولكن مع الكراهة إذا لم يكن لهذه النية الطارئة سبب مشروع..
وقبل الحديث عن أحكام تغيير النية في الصلاة لا بد أن نشير أولا إلى حكم النية في الصلاة.
اتفق الفقهاء على أن النية ركن من أركان الصلاة ولا تنعقد الصلاة بدونها، والأصل في ذلك قوله سبحانه ” وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ” البينة (5)، وقوله ﷺ ” إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى” متفق عليه ، والنية محلها القلب ، بمعنى أن المصلي ليس بحاجة للتلفظ بها وإن تلفظ بها كان تأكيدا كما قال صاحب المغني.
والأفضل أن تكون النية مقترنة بتكبيرة الإحرام ، وإن تقدمت النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير فلا حرج في ذلك بناء على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء خلافا للشافعية ، قال ابن قدامة – من فقهاء الحنابلة – “يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل أو فسخ نيته بذلك، لم يجز” ، وقال ابن عابدين – من فقهاء الحنفية- في رد المحتار “يجوز تقديم النية للصلاة بعد دخول الوقت وقبل التكبير ما لم يقطعها بعمل”..
أحكام تغيير النية في الصلاة:
اتفق الفقهاء على أن تحويل نية الصلاة من نفل إلى فرض لا أثر له في نقلها ، وتظل نفلا ، وذلك لأن فيه بناء القوي على الضعيف ، وهو غير صحيح .
أما تحويل الفريضة إلى فريضة أخرى أو إلى نافلة فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على النحو التالي:
عند الحنفية الصلاة لا تبطل بنية الانتقال ولا تتغير ، بل تبقى كما نواها قبل التغيير، وعند المالكية نقل النية عمدا تبطل به الصلاة، وعند الشافعية قلب النية عمدا دون عذر تبطل به الصلاة، وعند الحنابلة إذا حول نيته من فرض إلى فرض فإنها تنقلب نفلا، وإن حول نيته من فرض إلى نفل دون عذر انقلبت نفلا مع الكراهة..
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب الحنفية إلى أن الصلاة لا تبطل بنية الانتقال إلى غيرها ولا تتغير، بل تبقى كما نواها قبل التغيير ، ما لم يكبر بنية مغايرة ، بأن يكبر ناويا النفل بعد الشروع في الفرض أو عكسه، أو الاقتداء بعد الانفراد وعكسه، أو الفائتة بعد الوقتية وعكسه . ولا تفسد حينئذ إلا إن وقع تحويل النية قبل الجلوس الأخير بمقدار التشهد ، فإن وقع بعده وقبيل السلام لا تبطل .
وعند المالكية: نقل النية سهوا من فرض إلى فرض آخر أو إلى نفل سهوا ، دون طول قراءة ولا ركوع ، مغتفر.
قال ابن فرحون من المالكية : إن المصلي إن حول نيته من فرض إلى نفل ، فإن قصد بتحويل نيته رفع الفريضة ورفضها بطلت ، وإن لم يقصد رفضها لم تكن نيته الثانية منافية للأولى . لأن النفل مطلوب للشارع ، ومطلق الطلب موجود في الواجب ، فتصير نية النفل مؤكدة لا مخصصة .
وعند الشافعية : لو قلب المصلي صلاته التي هو فيها صلاة أخرى عالما عامدا بطلت ، فإن كان له عذر صحت صلاته ، وانقلبت نفلا . وذلك كظنه دخول الوقت ، فأحرم بالفرض ، ثم تبين له عدم دخول الوقت فقلب صلاته نفلا ، أو قلب صلاته المنفردة نفلا ليدرك جماعة . لكن لو قلبها نفلا معينا كركعتي الضحى لم تصح . أما إذا حول نيته بلا سبب أو غرض صحيح فالأظهر عندهم بطلان الصلاة .
وعند الحنابلة: أن بطلان الصلاة مقيد بما إذا حول نيته من فرض إلى فرض ، وتنقلب في هذه الحال نفلا . وإن انتقل من فرض إلى نفل فلا تبطل ، لكن تكره ، إلا إن كان الانتفال لغرض صحيح فلا تكره ، وفي رواية : أنها لا تصح ، كمن أدرك جماعة مشروعة وهو منفرد ، فسلم من ركعتين ليدركها ، فإنه يسن له أن يقلبها نفلا ، وأن يسلم من ركعتين ، لأن نية الفرض تضمنت نية النفل ، فإذا قطع نية الفرض بقيت نية النفل .
تغيير النية بزيادة أو نقصان في صلاة النافلة:
مثال: من نوى أن يصلي ركعتين نافلة وأثناء جلوسه للتشهد أراد أن يجعلهما أربعا فلا حرج عليه، ولكن إن نسي وقام للثالثة دون أن ينوي الإتيان بها فعليه أن يرجع ويأتي بالتشهد ثم هو بالخيار إما أن يسجد للسهو ثم يسلم أو ينوي بعد التشهد ما شاء من الزيادة ثم يقوم للإتيان بما نواه.
قال الإمام النووي –من فقهاء الشافعية- “إذا نوى عددا فله أن يزيد وله أن ينقص فمن أحرم بركعتين أو ركعة فله جعلها عشرا ومائة ومن أحرم بعشر أو مائة أو ركعتين فله جعلها ركعة ونحو ذلك، قال أصحابنا: وإنما يجوز الزيادة والنقص بشرط تغيير النية قبل الزيادة والنقص، فإن زاد أو نقص بلا تغيير النية عمدا بطلت صلاته بلا خلاف.