مشروع الجينوم البشري مشروع أمريكي الأصل، عالمي الحجم، وقد اشتركت فيه مجموعة من الدول المتقدمة علميًا، ومع الأسف الشديد لم تشترك فيه أي دولة إسلامية عربية أو غير عربية، ويهدف هذا المشروع العلمي الكبير إلى كشف أسرار الجينات، وما تقوم به من صحة ومرض وصفات وراثية، وإذا استطاع هذا المشروع أن يفك شفرة هذه الجينات بالصورة الكاملة فسيستفيد منه الإنسان استفادة عظمى، وقد انتهى المشروع من معظم الهدف الذي قام من أجله بدرجة 90%.
ومن المعلوم أن التحكم في الجينات يمكن أن يفيد الإنسان إفادة عظمى، وذلك في مجال الأمراض الوراثية، والصفات التي تضر بالإنسان؛ فمن الممكن رفع وإزالة جين معطوب يؤدي إلى مرض خطير كالقلب والسرطان، ووضع جين صحيح بدله، كما أن من الممكن التعرف بالاختبار الوراثي على احتمالية حمل الجنين لجينات تؤدي إلى أمراض وراثية أم لا، بل إنه يمكن أن يستفاد في هذا المجال عند إقدام الشباب على الزواج فتجري اختبارات وراثية للشاب والفتاة؛ فإذا وجد أن كلا منهما -أو أحدهما- يحمل جينًا يمكن أن يؤدي إلى إنجاب أولاد مصابين بمرض معين، فإنه يمكن حينئذ تقديم النصيحة لمثل هذين المقدمين على الزواج بألا يتزوجا.
وكذلك يجوز شرعًا التحكم في الجينات بوضع جين مكان جين معطوب، أو يؤدي إلى صفة غير نافعة أو ضارة في الإنسان، ويمكن أيضا التغلب على بعض الصفات التكوينية في الإنسان كقصر القامة مثلاً، فلو استفيد في هذا المجال بالجينات وأمكن رفع الجين المسبب للأقزمة ووضع بدله جين يؤدي إلى أن يكون الطول في المواليد طولاً عاديًا فما المانع من ذلك؟ كذلك ظهور بعض الأمراض الوراثية التي تظهر في بعض العائلات؛ فإني لا أجد مانعا شرعيا في الاستفادة من الجينات في هذا المجال.
وأيضا لا مانعًا شرعيًا من تحسين الصفات الخلقية مثل لون العينين، ولون الشعر، ولون البشرة، فما الذي يمنع ذلك؟ ولا بد أن يلاحظ أن هذا كله بشرط ألا يكون التلاعب في الجينات أو التدخل في الجينات وتغيير تركيب الكروموسومات مؤديًا إلى الإضرار بالجنس البشري، ولن يجري في ملك الله إلا ما قدّر الله سبحانه وتعالى.