دع عنك ما مضى ، وأقبل على الله بتوبة صادقة  تملؤها حرارة ألإيمان ، وصدق العودة إلى الله، وأكثر من الاستغفار والصدقة وصلاة النوافل، تجبر بذلك ما فات من عمرك.

التوبة من ترك الفرائض والطاعات

يقول الشيخ سلمان العودة:-

من كان في سالف عمره يصلي ويترك، ويصوم ويفطر، فإن الراجح في شأنه من أقوال أهل العلم أن عليه التوبة الصادقة النصوح، واستئناف العمل، والمحافظة على صلاته وصيامه، وليس عليه قضاء ما مضى؛ لقوله – تعالى -: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة فإخوانكم في الدين)الآية [التوبة : 11].وقوله – تعالى -: (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله)الآية [البقرة : 275].

وأحاديث التوبة في الصحاح وغيرها كثيرة، وليس في شيء منها الأمر باستدراك ما مضى، إلا أن يكون شيئا من حقوق العباد، فيجب رده إليهم، سواء كان مالا أو غيره، ويستحلهم عن الوقوع في أعراضهم، أو عما لا يستطيع أداءه.

ولو طلب من التائب أن يقضي ما فاته، لترتب على ذلك مفاسد عظيمة منها التردد في التوبة، أو الإعراض عنها؛ لأنه في بداية أمره، فإذا حملناه ذلك الحمل الثقيل ناء به، وقعد عن المسير، فكان هذا من رحمة الله وتخفيفه على عباده.

ومن المفاسد المترتبة على المطالبة بالقضاء الوقوع في الوساوس والأوهام، وقد وجدت أن كثيراً من الناس يفتيه من يفتيه بالقضاء، فيشك: كم صلاة ترك؟وكم يوماً أفطر؟ وهل كان حجه صحيحاً؟ وهل؟ وهل؟ فيدخل في باب الوسوسة، ويضطرب عليه أمره، وربما أفضى به إلى الوسوسة في العقائد، حتى إن منهم من يتمنى أنه على ما كان عليه قبل ذلك، ويرى أنه كان أسلم له، حتى من الناحية الدينية.ومن المفاسد: فقدان لذة العبادة، وانشغال المرء بأعمال شغلت ذمته فيما يحسب، ويريد الخلاص منها.ولو أنه اكتفى بالاستدراك فيما يستقبل من أمره، وأكثر من الطاعات والنوافل والأذكار والأعمال الصالحة لكان خيرا، وأحسن تأويلا.

فرصة لاستدراك ما فات واغتنام رمضان قبل الفوات

هل عميت القلوب؟

هل ماتت النفوس؟

هل ضلت العقول؟

هل لم يعد لنا في حالنا وتذكرنا واتعاظنا ومواسم الخير التي يسوقها إلينا ربنا فرصة لنغير؟!

-متى يتذكر الغافل إن لم يتذكر في هذه الأيام؟

-متى يقوم النائم إن لم يقم في هذه الليالي؟

-متى يدع المذنب الذنب إن لم يدعه في هذا الموسم؟

-متى يبكي الواحد منا على حاله وذنبه إن لم يبك في هذه الأيام والليالي؟

جدير بنا أن نتنبه حتى لا نندم بعد فوات الفرصة العظيمة من بين أيدينا، ونعض أصابع الندم إن نحن فرطنا في هذه الأيام والليالي التي نحن فيها، ونترقب فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

كان النبي يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله، وكان ذلك -كما قال العلماء- قطعا لانشغاله، وتفريغا لباله، وتخليا لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجز حصيرا يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم، ولا يشتغل بهم.