لم يضق الإسلام على المرأة في زينتها،كما يتوهم البعض،ولكنه وضع ضوابط عامة تحكم السلوكيات الإنسانية،لعلم الله تعالى بما تبطنه النفوس البشرية،وماهو خفي عن أعين الناس،فكان من حكمةالتشريع أن تتمتع المرأة بما شاءت من أنواع الزينة في بيتها لزوجها،أما خارج البيت فلا يجوز،لأنها تكون عرضة لمرضى النفوس ممن يتبعون الشهوات،فكان سدًا للفتتنة العامة أن يحرم على المرأة زينتها لمن لا يحل له الاطلاع على مثل هذه الزينة.
يقول الشيخ حسنين مخلوف مفتي مصر الأسبق –رحمه الله تعالى-:
الوجه ليس بعورة كما أَجْمَعَ على ذلك جمهور العلماء، ويجوز إبداؤه لمكان الضرورة ولدفع الحرج في ستره، ويجوز النظر إليه بغير شهوة، ويحرم إذا كان بشهوة إلا في مواضع الضرورة، كخطبة النكاح والشهادة والحكم، وإن علة جواز إبداء الوجه والكفين عند كثير من الأئمة، والقدمين في رواية عن أبي حنيفة، راجعة إلى الضرورة والحاجة الماسة ودفع الحرج والمشقة في الستر.
ومعلوم بداهة أن الضرورة تُقَدَّر في الشرع بقدرها، وأن الاستثناء أي استثناء مواضع الزينة الظاهرة في قوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) لا يُتَوسَّع فيه، ولا ضرورة مطلقًا في إبداء الزينة الفاحشة التي يبديها النساء الآن في وجوههن وأيديهن وأرجلهن، فتَبقَى كلها على الحرمة الأصلية بالنسبة لنظر الأجانب من الرجال دون الأزواج والمحارم).
على أن هذه الزينة الفاحشة مَظِنّة غالبة لإثارة الشهوة، فيحرم إبداء الوجه بها، ويحرم النظر إليه معها، وإن كان الوجه من مواضع الزينة الظاهرة؛ لِمَا قلنا من حرمة النظر إلى الوجه بشهوة في غير موضع.
والخلاصة أن إبداء الوجه بالزينة التي تضعها المرأة من المساحيق وغيرها لا داعي لها ولاضرورة لمن لا تحل له رؤية هذه الزينة،فتحرم .