لا يشرع أن يكون الفاسق إماما ولا مؤذنا، لأن أمور الدين تشترط العدالة، وعدالة الفاسق مفقودة، ولكن إن أذن فاسق أو أمَّ الناس، فمذهب أهل السنة على أن أذان الفاسق مجزئ، والصلاة خلفه صحيحة غير باطلة، وإن كان غيره أولى منه.
يقول الدكتور عبد الله الفقيه:
نصَّ أهل العلم على: أنه لا يشرع أن يكون الإمام أو المؤذن غير عدل، وعرفوا العدل بأنه من يجتنب الكبائر دائما، والصغائر غالبا، ويجتنب كل ما يقدح في المروءة.
قال ابن عاصم الأندلسي في تحفة الحكام:
العدل من يجتنب الكبائرا ***ويتقي في الأغلب الصغائرا
وما أبيح وهو في العيان *** يقدح في مروءة الإنسان
ومع هذا فقد نصوا على صحة الأذان وإن وقع من غير العدل، قال بعضهم:
واشترطوا عدالة المؤذن ***وصحَّ إن وقع من شخص دني
والأصل في كون العدالة مطلوبة في كل من الإمام والمؤذن هو: أن النبي ﷺ قد أرشد إلى أن الذي يؤم القوم، هو من كان أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، ولا شك أن المراد بأن يكون أقرأ لكتاب الله، وأعلم بالسنة، أن يكون عاملا بما علم منهما، فمن علم ولم يعمل، كان علمه عليه وبالا، وهذا كما قلنا في الإمام، وقد قال ﷺ :”الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن” ولا يكون غير العدل محل ائتمان.
ولا شك أن من تعاطى التدخين هذه خصلة محرمة تحريما يجعل صاحبها غير متصف بما يشترط في الإمام والمؤذن، لأنه يكون فاسقا، وقد عرف العلماء الفسق بالخروج عن طاعة الله جل وعلا بارتكاب الكبائر، والعلماء يجمعون الآن على حرمة التدخين، لأنه سبب في قتل النفس، وقتل النفس من أكبر الكبائر.
وما ذكرناه من كون الفاسق لا يصلح للإمامة، ولا يصلح أن يرتب مؤذنا، لا يعني بالضرورة أن الصلاة خلفه تكون باطلة، فإن لأهل العلم خلافا كبيرا في صحة الصلاة خلف الفاسق.
والصحيح من هذا الخلاف: هو أن الصلاة خلفه صحيحة ما لم يكن فسقه متعلقا بإتيانه بما يكون سببا في بطلان صلاته هو، فالقاعدة عند أهل هذا القول وهم أهل التحقيق: أن من صحت صلاته في نفسه صحت صلاة غيره خلفه.