يجيب فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة- أستاذ الفقه وأصوله-جامعة القدس – فلسطين – بقوله :ـ
وردت عدة أحاديث عن النبي يشد بعضها بعضاً تدل على أن المتمسك بدينه له أجر خمسين من الصحابة رضي الله عنهم فمن ذلك :

-ما جاء في الحديث عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أن النبي قال :( إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليـه أجر خمسين منكم قالوا : يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم ) أخرجه ابن نصر في كتـاب السنـة وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة المجلد الأول حديث رقم 494

-وله شاهد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله :( إن من ورائكم أيام الصبر ، الصبر فيهن كقبض على الجمر؛ للعامل فيها أجر خمسين قالوا : يا رسول الله أجر خمسين منهم أو خمسين منا . قال : خمسين منكم ) قال الهيثمي رواه البزار والطبراني بنحوه إلا أنه قال ( للمتمسك أجر خمسين شهيداً فقال عمر : يا رسول الله منا أو منهم ؟ قال منكم ) ورجال البزار رجال الصحيح غير سهيل بن عامر البجلي وثقه ابن حبان . مجمع الزوائد 7/282 . وقال الشيخ الألباني عن إسناد الطبراني : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم . السلسلة الصحيحة المجلد الأول حديث رقم 494 .

-وعن أبي أمية الشعباني قال : أتيت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه فقلت : يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية :( لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) سورة المائدة الآية 105 ؟ قال : أما والله لقد سألت عنها خبيراً سألت رسول الله فقال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك ودع أمر العوام فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله قال : وزادني غيره يا رسول الله أجر خمسين منهم ؟ قال : خمسين منكم ) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي حسن غريب ورواه ابن حبان وصححه ورواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وذكره الشيخ الألباني شاهداً لحـديث عتبة بن غزوان المتقدم انظر المصدر السابق.

-وعن عتبة بن غزوان رضي الله عنه : أن النبي قال :( من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم قالوا : يا نبي الله ! أو منهم ؟ قال : بل منكم – ثلاث مرات أو أربع – ) رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن شيخه بكر بن سهل عن عبد الله بن يوسف قال الهيثمي وكلاهما قد وثق وفيهما خلاف . فمجموع هذه الأحاديث يدل على الأجر العظيم لمن يتمسك بدينه وأنه يعادل أجر خمسين من الصحابة وانظر إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة 2/90 – 91 .

القابض على دينه كالقابض على الجمر:

يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-: هذا هو الابتلاء والامتحان، ولا سيما في آخر الزمان، مثل زماننا هذا، نحن في آخر الزمان، وفي غربة من الدين، فلا بد من الصبر، كما أخبر النبي : يأتي على الناس زمان الصابر على دينه كالقابض على الجمر، ويقول : بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء خرجه مسلم في “الصحيح”، زاد غيره في لفظ: من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، وفي لفظ آخر: يصلحون ما أفسد الناس من سنتي، وفي حديث أبي ثعلبة: للعامل منهم أجر خمسين، قيل: يا رسول الله، منا أو منهم؟ قال: بل منكم.

من مظاهر غربة الدين:

قلة الأنصار والأعوان، وكثرة المهالك والشبه، وكثرة طرق الضلالة والدعاة إليها، فلهذا الصابر في آخر الزمان على العلم والعمل له أجر خمسين من الصحابة، مثل أجر خمسين؛ لأنهم يجدون أعوانا، وفي أول مجيء الإسلام، وفي نشاط الإسلام، ونشاط المسلمين، وقوة الإسلام، وقوة المسلمين، وكثرة الأعوان، واندحار الأعداء.
أما في آخر الزمان فالعكس؛ كثرة الأعداء، وكثرة دعاة الضلالة، وقلة الأنصار، وقلة المعين على الحق، مع كثرة الشبه، فهذا صراع بين الحق والباطل في آخر الزمان شديد، فلا بد من صبر على ما تعلمه، فإذا عرف مما تعلم الحق ثم رأى ما يضاده؛ حمد الله على بصيرة، وحمد الله أن جعله ممن عرف هذا الحق.
وهذا يشمل ما يتعلق بالعقائد، وما يتعلق بفروعه، وهذا مما يسبب عظيم الأجور، وكثرة الحسنات، لمن صبر واحتسب.انتهى