ليست كل الحقن مفسدة للصيام ، فبعضها يفسده كحقن الغذاء والحقن الشرجية على رأى الجمهور ، خاصة إذا وصلت للمعدة ، وبعضها لا يفسد الصيام كحقن الدواء التى تؤخذ من في الوريد أو العضل أو تحت الجلد .
يقول الشيخ عطية صقر ، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا-رحمه الله تعالى-:
الحقن الشرجية تبطل الصيام عند الجمهور، ولا تبطله عند الإمام مالك إلا إذا وصلت إلى المعدة، وإبر الدواء في الوريد أو العضل، أو تحت الجلد، لا يفطر بها الصائم؛ لأنها ليست غذاءً يغني من جوعٍ أو يروي من عطش.
لكن إبر التغذية (الجليكوز) ونحوه تعد أكلا عرفا؛ لأن من يأخذها يستغني بها عن الطعام مدة طويلة، وهي تشبعه كما يشبعه الأكل العادي ، ذلك أن الأكل الذي يصل إلى المعدة بعد هضمه، وامتصاصه ، يوزعه الدم على الجسم ، ويكفيه حاجته، وإبر التغذية أدخلت الغذاء إلى الدم، دون حاجةٍ إلى إمراره على المعدة ، ودون حاجة إلى الأجهزة الهاضمة الأخرى ، ولكن كثيراً من العلماء يقولون: إن هذه الإبر وإن كانت للتغذية لا تفطر؛ لأنها دخلت من منفذ غير مفتوح، لكن العقل يؤكد أنها تفطر الصائم ؛ لأن القول بأنها لا تفطر مخلف لحكمة الصيام. والله أعلم .(انتهى)
هذا رأي الشيخ عطية صقر ، ولكن الشيخ القرضاوى يميل إلى الرأي الثاني الذى يقول أصحابه بأن الإبر المغذية لا تفطر ، فيقول:
هناك نوع من الإبر يصل بالغذاء مصفى إلى الجسم، كإبر الجلوكوز فهي تصل بالغذاء إلى الدم مباشرة، فهذه قد اختلف فيها علماء العصر، حيث أن السلف لم يعرفوا هذه الأنواع من العلاجات والأدوية، ولم يرد عن النبي – ﷺ – ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن العصور الأولى شيء في هذا الأمر، فهذا أمر مستحدث ؛ ولهذا اختلف فيه علماء العصر، فمنهم من يرى هذا النوع مفطرًا لأنه يصل بالغذاء إلى أقصى درجاته حيث يصل إلى الدم مباشرة، وبعضهم يقول: إنها لا تفطر أيضًا، وإن كانت تصل إلى الدم لأن الذي يفطر هو الذي يصل إلى المعدة، والذي يشعر الإنسان بعده بالشبع، أو بالري فالمفروض في الصيام هو حرمان شهوة البطن وشهوة الفرج، أي أن يشعر الإنسان بالجوع وبالعطش، ومن هنا يرى هؤلاء العلماء أن هذه الإبر المغذية أيضًا لا تفطر.
ومع أننا نميل إلى هذا الرأي الأخير نرى أن الأحوط على كل حال أن يمتنع المسلم عن هذه الإبر في نهار رمضان، فعنده متسع لأخذها بعد الغروب وإن كان مريضًا فقد أباح الله له الفطر، فإن هذه الإبر وإن لم تكن تغذي بالفعل، تغذية الطعام والشراب وإن لم يشعر الإنسان بعدها بزوال الجوع والعطش كالأكل والشرب المباشرين، فهو على الأقل يشعر بنوع من الانتعاش، بزوال التعب الذي يزاوله ويعاينه الصائم عادة، وقد أراد الله من الصيام أن يشعر الإنسان بالجوع والعطش، ليعرف مقدار نعمة الله عليه، وليحس بآلام المتألمين وبجوع الجائعين وبؤس البائسين .. فنخشى إذا فتحنا الباب لهذه الإبر أن يذهب بعض القادرين الأثرياء فيتناول هذه الإبر بالنهار لتعطيهم نوعًا من القوة وقدرًا من الانتعاش لكي لا يحسوا كثيرًا بألم الجوع وبألم الصيام في نهار رمضان، فالأولى أن يؤجلها الصائم إلى ما بعد الإفطار .(انتهى)