أجمع العلماء على أن من أهلّ عليه رمضان وهو مكلف وجب عليه صومه، حتى لو أغمي عليه الشهر كله، لقوله تعالى:(فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة: 185 ، ولم يخالف في ذلك إلا الإمام الحسن البصري.
ومن نوى الصيام ليلا وأغمى عليه النهار كله فقد اختلف الفقهاء في حكم صومه ، فقيل يبطل ، وقيل يصح ، فالأولى أن يقضيه احتياطا وخروجا من الخلاف .
أما إن أفاق بالنهار ولو لحظة وقد نوى الصوم فصيامه صحيح .
جاء في موسوعة الفقه الكويتية:
أجمع الفقهاء على أن الإغماء لا يسقط قضاء الصيام , فلو أغمي على شخص جميع الشهر , ثم أفاق بعد مضيه يلزمه القضاء إن تحقق ذلك , وهو نادر والنادر لا حكم له , إلا عند الحسن البصري فإنه يقول : سبب وجوب الأداء لم يتحقق في حقه لزوال عقله بالإغماء , ووجوب القضاء يبتني على وجوب الأداء .
واستدل فقهاء المذاهب بأن الإغماء عذر في تأخير الصوم إلى زواله لا في إسقاطه , لأن سقوطه يكون بزوال الأهلية أو بالحرج , ولا تزول الأهلية به ولا يتحقق الحرج به , لأن الحرج إنما يتحقق فيما يكثر وجوده , وامتداده في حق الصوم نادر , لأنه مانع من الأكل والشرب . وحياة الإنسان شهرا بدون الأكل والشرب لا يتحقق إلا نادرا فلا يصلح لبناء الحكم عليه .
ومن نوى الصوم من الليل فأغمي عليه قبل طلوع الفجر فلم يفق حتى غربت الشمس :
فقد قال الشافعية والحنابلة : لا يصح صومه لأن الصوم هو الإمساك مع النية . قال النبي ﷺ : { يقول الله تعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به , يدع طعامه وشرابه من أجلي } فأضاف ترك الطعام والشراب إليه . فإذا كان مغمى عليه فلا يضاف الإمساك إليه فلم يجزه .
وقال أبو حنيفة : يصح صومه لأن النية قد صحت وزوال الاستشعار بعد ذلك لا يمنع صحة الصوم كالنوم .
ومن أغمي عليه بعد أن نوى الصيام وأفاق لحظة في النهار أجزأه الصوم , أيَّ لحظة كانت , اكتفاءً بالنية مع الإفاقة في جزء , لأن الإغماء في الاستيلاء على العقل فوق النوم ودون الجنون فيكون وسطا بينهما ، لا يفسد الصوم أي جزء منه كالجنون، ولا يصح الصوم مع استغراقه لجميع النهار كالنوم، فالإفاقة في أيِّ لحظةٍ كافية .