من هو أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه:
هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار، أبو أيوب الأنصاري الخزرجي، وهو مشهور بذلك، وأمه: هند بنت سعيد بن عمرو بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج.
متى أسلم أبو أيوب الانصاري رضي الله عنه:
أسلم أبو أيوب قبل هجرة النبي -ﷺ- إلى المدينة، وشهد العقبة.
جهاد أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه:
شهد أبو أيوب العقبة، وشهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله -ﷺ-. وكان أبو أيوب ممن شهد مع علي -رضي الله عنه- حروبه كلها ولزم الجهاد، وقال: قال الله تعالى: (انفروا خفافـًا وثقالا) (التوبة41) فلا أجدني إلا خفيفـًا أو ثقيلا، ولم يتخلف عن الجهاد إلا عامًّا واحدًا، فإنه استعمل على الجيش رجل شاب، فجعل بعد ذلك يتلهف ويقول: وما عَلَىَّ مَنْ استُعْمِل عَلَىَّ، ثم إنه غزا أيام معاوية أرض الروم مع يزيد بن معاوية.
منزلة أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه:
كان الرسول عليه السلام يدخل المدينة مختتما بمدخله هذا رحلة هجرته الظافرة، ومستهلا أيامه المباركة في دار الهجرة التي ادّخر لها القدر ما لم يدخره لمثلها في دنيا الناس..
وسار الرسول وسط الجموع التي اضطرمت صفوفها وأفئدتها حماسة، ومحبة وشوقا… ممتطيا ظهر ناقته التي تزاحم الناس حول زمامها كل يريد أن يستضيف رسول الله.. وبلغ الموكب دور بني سالم بن عوف، فاعترضوا طريق الناقة قائلين:
“يا رسول الله، أقم عندنا، فلدينا العدد والعدة والمنعة..”
ويجيبهم الرسول وقد قبضوا بأيديهم على زمام الناقة:
“خلوا سبيلها فإنها مأمورة”.
ويبلغ الموكب دور بني بياضة، فحيّ بني ساعدة، فحي بني الحارث بن الخزرج، فحي عدي بن النجار.. وكل بني قبيل من هؤلاء يعترض سبيل الناقة، وملحين أن يسعدهم النبي عليه الصلاة والسلام بالنزول في دورهم.. والنبي يجيبهم وعلى شفتيه ابتسامة شاكرة:
“خلوا سبيلها فإنها مأمورة..”
كان الرسول عليه الصلاة والسلام ممعنا في ترك هذا الاختيار للقدر الذي يقود خطاه..
من أجل هذا، ترك هو أيضا زمام ناقته وأرسله، فلا هو يثني به عنقها ولا يستوقف خطاها.. وتوجه إلى الله بقلبه، وابتهل إليه بلسانه:
“اللهم خر لي، واختر لي..”
وأمام دار بني مالك بن النجار بركت الناقة.. ثم نهضت وطوّفت بالمكان، ثم عادت إلى مبركها الأول، وألقت جرانها. واستقرت في مكانها ونزل الرسول للدخول.. وتبعه رسول الله يخف به اليمن والبركة..
أتدرون من كان هذا السعيد الموعود الذي بركت الناقة أمام داره، وصار الرسول ضيفه، ووقف أهل المدينة جميعا يغبطونه على حظوظه الوافية..؟؟
فكان البطل أبو أيوب الأنصاري الذي جعلت الأقدار من داره أول دار يسكنها المهاجر العظيم والرسول الكريم.
ولقد آثر الرسول ﷺ أن ينزل في دورها الأول.. ولكن ما كاد أبو أيوب يصعد إلى غرفته في الدور العلوي حتى أخذته الرجفة، ولم يستطع أن يتصوّر نفسه قائما أو نائما، وفي مكان أعلى من المكان الذي يقوم فيه رسول الله ﷺ وينام..!!
وراح يلح على النبي ﷺ ويرجوه أن ينتقل إلى طابق الدور الأعلى فاستجاب النبي لرجائه..
أبو أيوب الأنصاري مجاهد مدى الحياة:
عاش أبو أيوب رضي الله عنه طول حياته غازياً، وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية رضي الله عنه جيشا بقيادة ابنه يزيد، لفتح القسطنطينية، وكان أبو أيوب آنذاك شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره فلم يمنعه ذلك من أن ينضوي تحت لواء يزيد وأن يمخر عباب البحر غازياً في سبيل الله.. لكنه لم يمض غير قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضا أقعده عن مواصلة القتال، فجاء يزيد ليعوده وسأله: ألك من حاجة يا أبا أيوب؟
فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينية، ولفظ أنفاسه الطاهرة ..
استجاب جند المسلمين لرغبة صاحب رسول الله -ﷺ- وكروا على جند العدو الكرة بعد الكرة حتى بلغوا أسوار القسطنطينية وهم يحملون أبا أيوب معهم.. وهناك حفروا له قبرا وواروه فيه..
رحم الله أبا أيوب الأنصاري، فقد أبى إلا أن يموت على ظهور الجياد الصافنات غازياً في سبيل الله وسنه تقارب الثمانين.
أراد أن يكون مثواه الأخير هناك في عاصمة تلك البلاد، حيث ستكون المعركة الأخيرة الفاصلة، وحيث يستطيع تحت ثراه الطيّب أن يتابع جيوش الإسلام في زحفها، فيسمع خفق أعلامها، وصهيل خيلها، ووقع أقدامها، وصلصلة سيوفها..!!
توفي أبو أيوب مجاهدًا عند مدينة القسطنطينية سنة إحدى وخمسين فدفن هناك تحت أسوار القسطنطينية.